لا يزال العقرب و منذ أمد بعيد يثير الرعب في النفوس كونه يقتل أحيانا ، و يؤدي إلى انتشار بعض الأمراض المزمنة أحايين أخرى. 01 ـ أنواع العقارب
العقارب ثلاثة أنواع :أوله نوع كبير له ذيل أسود وملاقط سوداء كبيرة ، و
ثانيه نوع صغير أصفر و بني اللون ذو ملاقط صفراء طويلة ، أما الثالث فصغير
أصفر و ملاقطه عريضة و قصيرة فالنوع الأول و الثاني خطيران جدا لأن فيهما
سم يشل الأعصاب ، والنوع الثالث له سم يدمر الدم علما أن سم العقرب يتكون
من الكثير من المواد السامة ، و الإنزيمات المخربة للجسم و الأعصاب ، و من
ميزات العقرب أن له انسيابية هوائية أي يدخل في الهواء وتحمله الرياح من
مكان إلى آخر بحيث يدخل البيوت عن طريق النوافذ أثناء العواصف الرملية ،
كما يوجد فوق سطوح المنازل و في النخيل و لا يحتاج إلى الأكل كثيرا لأنه من
الحيوانات ذوات الدم البارد جسمه يحتاج إلى الدفء أكثر من الأكل ، و لو
بقي دون أكل لمدة أيام لا يموت عكس الحيوانات الأخرى كالطيور و الثدييات ،
أما البرودة فمخطئ من يظن أنها تقتل العقرب ، و إنما تشله عن الحركة و حتى
لو افترضنا أنه مات فإن سمه يبقى قويا في شوكته ، والعجيب أن العقرب هو
الحيوان الوحيد الذي يتحمل الإشعاع القوي ففي كل الأماكن التي أجريت فيها
التجارب النووية سجل موت كل الحيوانات و النباتات ما عدا العقرب ، هذا
التحمل الهائل لابد أن يثير مخاوف بني البشر خصوصا . 02 ـ أخطار العقارب
تحمل سموم العقارب معها الموت ، و الأمراض المزمنة كالربو وحسب الباحث
الأستاذ أحمد صيقع منشئ متحف الكائنات الحية بالمنيعة فإن الأمر يشارك فيه
الإنسان بطريقة أو أخرى ، فالسموم والمواد الكيماوية التي يستعملها ضد
العقرب ، و ضد بعض الحشرات كالبعوض تنقلها الرياح والتيارات الهوائية فتسبب
تهيجا في المجاري التنفسية خاصة لدى الأطفال و كبار السن ، فتحدث عندهم
أزمات تنفسية ذات حساسية تؤدي حسب قابلية الشخص إلى نوبات من الربو أكثر أو
أقل حدة سيما في الأماكن المغلقة والضيقة ، و تأثير سم العقرب يختلف حسب
نوع العقارب ، و كذلك حسب قابلية الإنسان و رد فعل وسائل دفاع جسمه
المناعية ، فكلما كانت لدغة العقرب قريبة من الرأس أو الصدر أو الظهر فإن
رد فعل الجسم يكون أقوى و انتقال السم يكون سريعا ، و إذا أتينا لمنطقة
المنيعة فإن العقارب الموجودة فيها هي أنواع ذات سم يهاجم الأعصاب و يدمرها
و لكن في بعض الحالات يبقى السم في مكانه و يسبب حساسية في نفس المكان ، و
آخرون يسبب لهم السم تهيجا ويصبح عند أصحاب الحساسية و القابلية للربو
أزمة تنفسية حادة خطيرة قد تؤدي للموت بسبب شلل العصب المسؤول عن الحركات
التنفسية ، و الشيء المؤكد أنه لا توجد حالات موحدة للتسمم العقربي فالسم
ليس واحدا بل عدة سموم ممزوجة في سائل واحد ، و لكل سم مفعوله و تركيزه
الخاصين يختلف من عقرب إلى آخر في نفس النوع ، و يختلف في الأنواع الأخرى ،
و بالمقابل يختلف رد فعل جسم الإنسان من شخص لآخر ، و حسب السن ، و الحالة
التنفسية و كذلك القابلية للإصابة . 03 ـ علاج سم العقارب يبقى
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هل يوجد علاج فعال لسم العقارب ؟ و الجواب أننا
يجب أن نعرف أولا أن التسمم العقربي له ثلاثة مستويات : المستوى الأول و
الثاني يوجد لهما علاج ، لكن المضادات الحيوية ليست خاصة حسب نوع العقرب ،
أما المستوى الثالث فهو انتقال السم إلى الدماغ و شله للأعصاب التي تتحكم
في القلب و التنفس مما يؤدي إلى الموت ، و هذا المستوى من الصعب علاجه و
حسب الدراسات الميدانية في دائرة المنيعة فإن النوع الكثير الانتشار هو
العقرب ذو الذيل الأسود و الملاقط السوداء وهو سام جدا و خطير لأنه نوع شرس
و مهاجم و آكل للعقارب من بني جنسه ، و يوجد في أحياء بلبشير و حفرة
العباس و بادريان و حاسي القارة ، أما النوع الصغير الأصفر بني اللون ذو
الملاقط الصفراء الطويلة فهو نوع خطير جدا و لكنه غير مهاجم يوجد في أحياء
بلبشير و حفرة العباس و تاغيث و بساتين الاستصلاح الفلاحي ونخيل حي بادريان
و بساتين حي تين بوزيد ، و حتى في وادي السبع و حاسي القارة ، أما النوع
الأصفر ذو الملاقط العريضة فهو قليل جدا لأن مكانه يكتسحه النوعان الأول و
الثاني ، و بعد هذا الاستعراض قد يقول البعض إذا حدث اللسع العقربي في
البيت فما هي الإسعافات الأولية و ما جدوى الطرائق التقليدية ، و الجواب هو
ضرورة العمل على نقل المصاب على جناح السرعة للمستشفى وإذا كان الشخص
بعيدا عن المدينة فيحاول أن يمص بفمه مكان لدغة السم و الدم ثم يبصق عدة
مرات إذا لم يكن في فمه جرح حتى لا يدخل السم عن طريق الفم ، ثم يعمد لربط
العضو المصاب بقطعة قماش و من تم إدخال عود فيها ليعمل كالحنفية ، و يبدأ
المصاب يربط و يطلق جريان الدم علما أن الربط القوي يؤدي إلى ضرر بالعضو و
يواصل العملية لمدة دقائق ثم يفتح قليلا حتى يعود نشاط الدم و يعيد الربط
مرة أخرى حتى يصل إلى المستشفى ، مع الإشارة أن الربط لا يصلح إلا للذراعين
و الرجلين و لا يصلح لمكان آخر و الربط يكون بعيدا عن الجرح بحوالي 15 سم ،
و ليس على الجرح و هناك آراء متضاربة حول فائدة الحجرة السوداء التي تمتص
السم حيث يرى العارفون أنها مفيدة بشرط وضعها في الحليب وعصرها ثم وضعها
على الجرح هذا بالنسبة للشخص البعيد عن المدينة ، أما استعمال شفرة الحلاقة
لشرط مكان اللدغة فينصح بعدم اللجوء إليه لأنها تزيد من إدخال السم في
الجسم خاصة في المناطق الحساسة كالرقبة و الظهر ، و على الجميع أن يدرك أن
أهم شيء يفعله المصاب حيال التسمم العقربي هو السيطرة على النفس و عدم
الصراخ و الجري لأن هذه الأفعال تزيد من انتشار السم ، كما أن الخوف و
الرعب الشديد هو الذي يشل وسائل دفاع الجسم و يشل رد الفعل المفيد ، من جهة
أخرى يؤكد الخبراء أن سم العقارب السامة جدا مثلما هم موجود في المنيعة لا
ينفع معه لا الغاز و لا الجافيل و لا مبيد الحشرات لأنها مجرد مضيعة للوقت
، أما بشأن ما تقوم به مستشفياتنا في حالة التسمم العقربي فهو من توصيات
وزارة الصحة ، و ليس علاجا خاصا بالعقارب المنتشرة بالمنيعة ، وحتى المصل
المستعمل هو مصل عام و ليس مصلا خاصا بعقارب المنطقة . 04 ـ طرائق أخرى لتفادي اللسع العقربي
تبقى أفضل مقاومة للعقرب هو التحرك على محورين ؛ الأول بيئي و ذلك لأن
الأعداد الهائلة من العقارب وجدت أوساطا ملائمة لها في الأغذية ، و المساكن
و نقص الأعداء الطبيعيين فتوفر الغذاء كالتمور المرمية على الأرض و الخبز
وغيرها أدى إلى انتشار الحشرات التي تتغذى عليها العقارب ، و كذلك وجود
المساكن فالجريد و الكرناف و الليف كلها مساكن ممتازة لفراخ العقارب ، تضاف
إليها الخردوات من علب معدنية و أكياس بلاستيكية وكرطون فالنظافة و
الطهارة ليست فقط في اللباس ، بل هي أيضا في البيت المصقول بلا ثقوب تسكن
فيه العقارب والنظافة في جمع القمامات و فضلات الأكل و حرق الجريد و
البلاستيك وحرق العلب المعدنية و دفنها ، و لا يجب أن ننسى تربية القنافذ
فهي العدو اللدود للعقرب و الحشرات الأخرى ، و قد شهدت أعداد القنفذ تناقصا
ملحوظا نظرا للتسممات التي أصيب بها جراء الاستعمال المكثف لكل أنواع
السموم ضد النمل و الحشرات الأخرى ، أما المحور الثاني فهو الإعلام لأنه لا
يمكن مقاومة ومعالجة شيء لا نعرفه فالعقارب ليست وحدها المتسبب في الوفيات
فهناك الأفاعي ، والحشرات و النباتات السامة و المواد الكيميائية التي
تباع في كل مكان بدون معرفة اسمها أو تكوينها الكيميائي ، أو تأثيرها على
صحة الإنسان و الحيوان و النبات ، كما أن العديد من الأطباء يجهلون الكثير
عن الحيوانات السامة و كيفية معالجة تسمماتها الآنية و الآجلة .