-->

الثلاثاء، 5 مايو 2020

السلام عليكم ورحمة الله
 بسم الله الرحمن الرحيم

طوبى لمن أصلح قلبه قبل الرحيل ..


الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد....

فما أجمل الذل إذا كان لله .. وما أحلى الانكسار إذا كان لله .. وما ألطف الافتقار إذا كان للعزيز الغفار.

• إن رمضان يشعرك بحقيقة نفسك وأنك فقير إلى ربك محتاج إليه.. ويرسل إلى قلبك نسائم الإيمان لتضع عليه أنوار الإحسان.

وهاهي أيامه تتصرم وتوشك على الانقضاء .. ليس أشهرا ولا سنوات.. وإنما هو أيام 

لا تلبث أن تنقضي سريعا.. حتى لا يكون في نفوس المؤمنين شيء من الحسرة على الفراق..ولكن يبقى المؤمن ما دام في رمضان لحظة على أمل وفي عمل..

وكما قيل ..
- والخيل إذا قاربت على الوصول جدت في المسير... وأخرجت أحسن ما عندها قبل نهاية السباق..

• كل واحد فينا يمتلك في صدره قطعة صغيرة الحجم .. ولكنها عظيمةَ القدر تلك المضغة التي هي محط نظر الربِ جلَّ في علاه .

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم واموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم.

- القلب يمرض كما يمرض البدن وشفاؤه بالتوبة... والقلب يصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤها بالذكر...

والقلب يعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى.. والقلب يظمأ ويجوع كما يظمأ ويجوع البدن.. وطعامه وشرابه المعرفة بالله ومحبته والتوكل عليه.

• إلا أن ذلك الشيء الصغير العظيم.. يتفاوت الناس فيه تفاوتا كبيرا . فهذا قلبه ممتلئ أنوارا وإيمانا وحبا لله ولرسوله وللمؤمنين.. وهذا قلب مريض بالشهوات والسيئات... وذاك قلب ميت قد ختم الله عليه .

- و إن من أسباب صلاح القلب أن يمتلئ القلب إخلاصا لله تعالى .. - شيء جميل.. أن يرى الله في قلبك الصدق وليس الرياء ولا الكذب.. من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد .

- من أسبابِ صلاح القلب .. أن تتأمل في سرعة الحياة وزوال أحبابك منها.. حينها يزهد قلبك في متاع الحياة . وانظر لمن حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن

- كم هم الأشخاص الذين تعرفهم .. أين هم الآن ؟ غادروا الحياة بلا رجعة . - فيا ترى متى تعتبر بقصة الراحلين ؟

يا صاحب القلب القاسي .. متى يلين قلبك لذكر الله .. يامن عمر قلبه بالشهوات متى تفيق من غفلتك وتعتبر بالراحلين .

- مجالسة الصالحين الذين ينتقون أطايب الكلمات كما ينتقى أطايب الثمر . جليسك الصالح تنبعث منه روائح الإيمان ويرسل لقلبك آثار الطاعة والإحسان

. • إن القلوب تأنس برؤية الصالحين فكيف بالجلوس معهم ؟. فيا من يريد لقلبه الصلاح والفلاح .. اجلس مع من تزداد برؤيته إيمانا .

- زيارة القبور.. منازلنا التي سوف نسكنها شئنا أم أبينا . زر المقبرة لترى أن الناس فيها على حد سواء.. الرجال والنساء والصغار والكبار...كلهم تحت التراب .
فيا فوز من كان قبره روضة من رياض الجنان.. وياخسارة من وجد النيران تحيط به في قبره .

- تذكر ذلك لعل قلبك أن يخشع ويطمئن.. لعل قلبك أن يرتقي عن الحسد والحقد..يا من يريد قلبا خاشعا عليك بتدبر القرآن ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )..

القرآن شفاء لحزنك .. صلاح لقلبك .. رحمة لحياتك.. اجلس مع القرآن في هذه الأيام .. بل وكل يوم ولو لحظات ليتغذى قلبك بكلام الرحمن ( وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا )...

• إن قلوبنا بيد الله وهو المتصرف فيها.. فما أجمل أن نلح على الله بأن يصلح قلوبنا ويطهرها ويزكيها .

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها .

- إن كنت تريد صلاحا لقلبك .. فابحث عن الأيتام والمساكين وتعال إلى بيوت الفقراء .. إن القلب يلين حينما يشاهد أولئك المساكين .. وتزول عنه وحشته . إن الراحمون يرحمهم الرحمن .. ويلطف بهم ويتولاهم برحمته..

داوم على ذكر الله فهو دواء القلوب وراحة للنفوس ..( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).. لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه . فعود لسانك الذكر.. لعل قلبك أن يهدأ .. ولعل روحك أن تسكن .. ولعل السعادة أن تحيط بك .

• واعلم أن من أعظم أسباب صلاح القلوب تذكر الوقوف بين يدي الله تعالى:
( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ).. فما أعظمه من يوم .. وما أشد غفلتنا عنه..

• أخيرا أحسن فيما بقي يغفر الله لك ما مضى... والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية... 
• ثم يا من قصرت فيما مضى لا تفوت ما بقي... فما بقي عظيم ...
اجتهد فيما تبقى من رمضان يغفر الله لك ما فات من تقصير ..

هي أياما معدودات .. فلا تضيعها ..

- اجتهد فيما تبقى من ساعات شهر البركة ... أنت في أوسطه والنفوس قد تكل

- اجتهد فلعله آخر رمضان لك .. وقد نسجت أكفانك أنت لا تدري ...

اللهمّ أصلح برمضان قلوبنا واجبر فيها ما انكسر.. وقوّم فيها ما اعوجّ
اللهمّ أرنا أثر رمضان في رمضان وبعد رمضان.. من صلاح وهدى وطمأنينة.. وإجابة دعاء وتقى .
اللهمّ حقق فينا الشرط ( لعلكم تتقون).

أبوأسامة يوسف...
0 تعليقات على " طوبى لمن أصلح قلبه قبل الرحيل "

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

جميع الحقوق محفوظة ل أبجديات فيلسوف